عبد الله الشرقاوي
تنشر وسائل الإعلام كما هائلا من غسيل تدبير الشأن العام الذي يصب في إطار الجرائم المالية والاقتصادية، حيث نتابع اتهامات بالفساد ب "العلالي" بين المنتخبين الجماعيين مثلا، لكن النيابة العامة برئاسة وزير العدل لا تحرك ساكنا، في ظل تغني حكومة بن كيران بشعارات محاربة الفساد، ودستور يقرن المسؤولية بالمحاسبة، وكذا قوانين موجبة بتحريك مسطرة المتابعة، التي يمكن أن تفضي إلى إحالة الملفات على القضاء، أو حفظ المساطر، أو متابعة مسؤولي المنابر الإعلامية والأشخاص الذين ينشرون أخبارا وبيانات زائفة.
قد يقول رئيس الحكومة، أو وزير العدل والحريات أنه غير معني وغير ملزم بالرد على كل ما ينشر، وأنهما إذا سايرا هذا "التوجه" فإنهما سيغرقان في ركام الردود والدخول في العبث، وهذا صحيح فيما يخص ما ينشر بشأنهما شخصيا، أما ما يهم تدبير الشأن العام فإن قانون المسطرة الجنائية يلزم التحري والبحث والتقصي ولو في الوشايات التي تبلغ إلى علم وزير العدل عبر أية وسيلة.
إن عدم سلوك هذه المسطرة هو من جهة تعطيل قوانين جاري بها العمل، ومن جهة أخرى إن عدم التَّعاطي الجدي مع الاتهامات والاتهامات المضادة يكرس »منطق« السَّيبة، وغياب دولة القانون والمؤسسات، وبالتالي فقدان الثقة ليس فقط في العملية السياسية، وإنما احتمال أيضا دخول أطراف إعلامية في تصفية الحسابات بين فاعلين سياسيين دون ترتيب الجزاء…
وحتى لا ندخل في كثير من التفاصيل وإعطاء زخم وافر من الأمثلة، خاصة على مستوى تدبير الشأن العام المحلي نشير إلى أن مسؤولا جماعيا متهما في ملف معروض على القضاء قال في حوار مع صحيفة وطنية يومي السبت والأحد الماضيين:
" إن المال العام يهدر يوميا ولا من يتحرك، فلماذا لم تتحرك الجمعيات المدافعة عن حماية المال العام عندما تم تحويل عمارة من مرفق إداري إلى مرقص من خمسة طوابق في منطقة لا تسمح بكل هذا العلو؟ ولماذا نهبت أربعة هكتارات من الأملاك المخزنية قيمتها الحقيقية الآن 120 مليار، والتي شيدت عليها شقق فاخرة".
هل مثل هذا التصريح، الذي يهم مدينة مراكش، لا يستدعي فتح مسطرة قضائية، وغيرها من الاتهامات التي يتبادلها المنتخبون الجماعيون بحضور السلطة يا حسرة، حيث يمكن إعطاء نموذج تدبير الشأن المحلي بالرباط والدار البيضاء، إذا ما أراد وزير العدل بحكم مسؤوليته تحريك مواد قانون المسطرة الجنائية التي مازالت تعطيها لحدود يومه صلاحيات واسعة.
إن فتح المسطرة لا يعني بالضرورة صحة الاتهامات، وإنما وضع حد للانحرافات، بما في ذلك الاتهامات المجانية، ونشر أخبار كاذبة، والحصول على غنائم لا علاقة لها بأغنام الأضاحي..