عبد الله الأيوبي
ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال موال لما يسمى بالدولة الإسلامية "داعش" من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فلقد تم تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية خلال السنة الأخيرة والنصف الأول من السنة الجارية، وأغلبها ينتمي لداعش أو يحمل أفكارها، وليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال موالين لداعش ليبيا، لكن الإعلان من قبل وزارة الداخلية عن توقيف داعشي بمدينة السعيدية موال لداعش قادم من ليبيا عبر التراب الجزائري يعتبر تحولا جديدا في تحركات الإرهابيين تجاه المغرب.
العنصر، الذي تم اعتقاله من قبل مصالح الأمن، كان مبحوثا عنه منذ ستة أشهر وكان على صلة بخلية سيدي بنور الإرهابية التي تم تفكيكها أخيرا. وكان يسعى للالتحاق بمعسكرات داعش بليبيا قبل أن يعود أخيرا للمغرب متسللا من الحدود الجزائرية.
لقد أبان المغرب عبر مصالحه الأمنية عن قدرات كبيرة على مكافحة الإرهاب، حتى أضحى نموذجا يقتدى به في العالم، والعديد من الدول تطلب خبرته في الميدان، مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، وتطلب الأمر مجلس الأمن إلى استدعاء المغرب لتقديم تجربته في مجال محاربة التطرف أمام أعضائه الدائمين وغير الدائمين، باعتباره نموذجا قادرا على توليد صيغ جديدة لمكافحة الإرهاب، الذي يمثل اليوم التحدي الأول لكل دول العالم.
لكن المغرب ابتلي بعدو غير عاقل، وويل لك من العدو الأحمق. فالجارة الجزائر، التي أخذت على عاتقها محاربة المغرب عبر خلق القلاقل، وعبر تمويل ودعم جبهة البوليساريو، وعبر مناوءة المغرب في وحدته الترابية، لا تميز بين الصراع حول الصحراء، والذي رغم أنه مفتعل فالمغرب مصمم على احترام القرارات الأممية عبر تقديم مشروع الحكم الذاتي، لكن يعتبر أن هذا النزاع لا ينبغي أن يكون عائقا أمام التعاون الشامل حول مكافحة الإرهاب، الذي لا يستثني أحدا.
في غياب الحل لمشكل الصحراء ينبغي التوافق على الحد الأدنى من التعاون الأمني في هذا المجال، وإن كان الحل الجذري يكمن في إيجاد مخرج لقضية الصحراء ومصالحة حتى الصحراويين العاقين مع وطنهم، لأن مخيمات الاحتجاز تحولت إلى مرتع للحركات الإرهابية، تصول وتجول وتتاجر في السلاح والبشر، وتحولت إلى موئل آمين للإرهابيين منه ينطلقون نحو أهدافهم.
وفي غياب حكم عاقل بالجزائر يجد المغرب نفسه أمام تحد كبير، حيث يجد نفسه أمام حدود كبيرة وطويلة مفتوحة على مصراعيها لدخول الإرهابيين من الجزائر إلى المغرب، لكن غض الطرف عن حركة الإرهابيين دائما ينقلب على أصحابه لأن الأفعى لما تكبر تأكل صاحبها أما العدو فهو يعرف كيف يتعامل معها ويقتلها بسمومها.
اعتقال داعشي قادم من ليبيا إيذان بحراك جديد للإرهابيين، خصوصا بعد استيطان دولة الخلافة في مدينة صبراتة الليبية بعد الضربات الموجعة التي تلقتها في سوريا والعراق، وبالتالي فإن التحدي القادم في مواجهة الإرهاب هو الحدود مع الجارة الجزائر، التي يمكن أن تتحول إلى مكان لتوريد الإرهابيين.