آدم عيسى
"تمخّض الجبل فولد فأرا"، بهذه العبارة يبدأ صحافي هسبريس انطباعاته حول الرحلة التي نظمتها وزارة الثقافة للوقوف على حقيقة ما راج حول تدمير نقوش ياكور باربعاء تغدوين.
صحفي الجريدة تخونه التعابير وتفضح ما يُضمره تجاه تراث عريق لا يقدّر بثمن، ولا يمكن بحال من الاحوال أن يوصف "بفأر ولد على إثر مخاض جبل" إلا من طرف جاهل أو عدو مناهض لها، ويتبدّى جليا موقف الصحافي والمؤسسة التي يمثلها من هذا التراث، وذلك من خلال قوله قبل إتمام "انطباعاته الشخصية بأن "الحفاظ على كرامة الإنسان والحفاظ على سلامته أوْلى وأهمّ من صيانة الأحجار".
إن الركوب على الجانب الانساني والاجتماعي واستغلال مأساة أبناء المنطقة للقول بأن صيانة النقوش الاثرية ليست أولى، هو تعبير عن ازدراء هذا التراث وإفصاح عن جهل ذاك الصحفي للقيمة التاريخية والعلمية لهذه النقوش فضلا عن قيمتها الهوياتية وعمق الحضارة الامازيغية الذي يمتد في التاريخ، متجاوزا تلك الاطروحة التي تريد لتاريخ المغرب ان يبدأ مع "الغزوات العربية" أو مع قدوم ادريس الاول ومصاهرة قبيلة اوربة.
هذا تراث حضاري وليس مجرد "صخور" كما جاء في"انطباعات" كاتب المقال، وإذا كانت مسؤولية الدولة تابثة في صيانته كما هو الشأن بالنسبة للحفاظ على كرامة الانسان والحفاظ على سلامته، فإن الاستهانة والتبخيس من قيمة هذه النقوش هو جهل ما بعده جهل بتراث المغرب وتاريخه العريق وهي فضلا عن نهوضها على منطق خاطئ( يقول باولوية الخبز على كل ما هوهوياتي)، فإنها تخدم اجندة بعض التيارات التي لا ترى في هذه النقوش إلا "أصناما وبقايا اوثان" عبدها اجدادنا قديما وجاء الفتح العظيم وحان وقت تدميرها، باسم الدين الاسلامي كما يفهمه معتنقي التيارات الوهابية والسلفية الجهادية الزاحفة من المشرق.
إن الاسلام وجد منذأكثر من 14 قرنا في هذه الربوع، وهو إسلام حاول السكان تذويب تعاليمه وطقوسه في الذات الامازيغية، وحافظوا بذلك على ثقافتهم وحضارتهم المتميزة، ولم يقل أحد يوما بضرورة تدمير او إهمال كل ما له علاقة بما قبل الاسلام، لأن المغرب لم يعرف جاهلية كما هو الشأن في الجزيرة العربية آنذاك، بل كانت هناك حضارة ضاهت في قيمها وإشعاعها السياسي والاقتصادي والفكري كل الحضارات التي سادت في تلك الفترة تم بادت بعد ذلك..
للتذكير فإن القائمين على موقع هسبريس لهم مواقف سلبية من الامازيغية وثقافتها، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال طبيعة تناولهم للامازيغية لغة وثقافة وطريقة تغطيتهم للانشطة والندوات وكل ما له صلة بموضوع الامازيغية، وما على القارئ إلا الرجوع إلى أرشيف الجريدة في هذا الشأن للوقوف على هذه الحقيقة..التي تفصح عن الخلفيات التي تحرك أقلامهم خاصة بعد زواج المتعة، الذي استحلوا مفاتنه ومذاقه، مع حزب من يعتبرون أنفسهم دعاة "الاسلام لايت" l’ Islam light.