شعب بريس جريدة إلكترونية مغربية _ زمن التفاهة
    شعب بريس مرحبا بكم         الجزائر كسولة في محاربة الفساد !             حوادث الشغل تتسبب سنويا في كارثة حقيقية بالمغرب             الاقتصاد الوطني يفقد 432 ألف منصب شغل سنة 2020             بسبب الأزمة الوبائية..المديونية الداخلية تتجاوز لأول مرة 604 ملايير درهم            

  

إعلانات

         
 


أضيف في 15 أكتوبر 2018 الساعة 14:49

زمن التفاهة





 

 


مراد قمحي

يعيش المغرب منذ بداية الإستقلال في ظل أوضاع اجتماعية مزرية لم تتمكن الحكومات المتعاقبة باختلاف ألوانها ومشاربها الإيديولوجية من وضع حد لآستفحالها، فمعظم أبناء هذا الوطن لايزالون يفتقرون، بعد مرور ستة عقود على نشأة الدولة الحديثة التي نعرفها اليوم، إلى أبسط شروط العيش الكريم. إذ أن هناك من يعيش اليوم، في بلد القطار فائق السرعة والطرامواي، ظروفا أشبه بما كان عليه الحال في القرون الوسطى أو أسوأ بقليل.


إن الحركات الإحتجاجية التي ظهرت في السنوات الأخيرة بمختلف ربوع هذا الوطن الجريح، لدليل قاطع على أن السيل قد بلغ الزبى، وتعبير عن عدم قبول المواطنين بأوضاعهم الإجتماعية المزرية. والملاحظ أن المطالب التي تم رفعها ليست مستحيلة أو تعجيزية، وإنما تنقصها فقط الإرادة الفعلية للإستجابة لها دون شروط. فلا يعقل ونحن في زمن وصلت فيه الثورة التكنولوجية أوجها وارتفعت فيه مؤشرات جودة الحياة بمختلف بقاع العالم، أن يكون بيننا مواطنون يعيشون أعتم ظروف العزلة بدون مسكن لائق، بدون ماء ولا كهرباء، بل حتى الطرق التي من المفروض أن تربطهم بالعالم الخارجي، أغلبها، إن وجدت، مسالك وعرة لا تصلح حتى لمرور الدواب وأحرى السيارات.


دعنا من هذه الفئة التي يمكن اعتبارها اليوم استثناء يمكن تجاوز نواقصه بسهولة، ودعنا نركز على النصف المملوء من الكأس، ولنتحدث قليلا عن حواضر بلدنا التي تتزين بآخر صيحات الموضة، وتتخذ لها شعارات رنانة تدهش كل من يسمعها، دون علم مسبق بواقع حالها طبعا. عاصمة الأنوار، عروس الشمال، سويسرا الصغرى، الجوهرة الزرقاء...إلخ ، شعارات تسر السامعين، غير أن النبش في ثنايا كبريات حواضرنا يظهر عكس ما يمكن تصوره للوهلة الأولى، فمدننا تعيش أحلك مظاهر الطبقية حيث تتوزع ساكنتها بين قلة أرستقراطية تعيش حياة مُترفة، وعامة تتدافع فيما بينها من أجل كسب لقمة العيش.


حقيقة هذه الحواضر هي أن ثلث شبابها لا يجد له موطئ  قدم داخل سوق الشغل، وأن جزءا كبيرا من ساكنتها يعاني من ويلات الفقر والهشاشة، وأن الخدمات المقدمة بالمستشفيات والمدارس والإدارات العمومية، تفتقر إلى أبسط شروط الجودة. الحقيقة أن بلدنا العزيز يتذيل تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية (المرتبة 123)، وتقرير اليونسكو حول جودة التعليم (المرتبة 136) وغيرها من التقارير التي تزيح الغطاء عن الواقع المر لوطننا الحبيب.


لكن المؤلم هو أن عددا لا يستهان به من أبناء هذا الوطن غير آبهين تماما بأوضاع بلدهم المزرية هته، أو بتعبير أدق، ظروفهم المعيشية ليست أكثر أهمية من فتاة خلعت حجابها، أو من وزير يقضي عطلته رفقة عشيقته، أو فنان اعتقل بتهمة الإغتصاب، وغيرها من التفاهات التي شغلت الرأي العام وحجبت عنه رؤية مشاكله الحقيقية التي تحتاح إلى نقاش موضوعي وعلاج آني.


إن البحث عن السبب الذي يجعل الأمور الأقل أهمية تطفو فوق سطح النقاشات العمومية، جعلنا ندرك أن من يتحكمون في دواليب الحكم في البلاد، هم من محبي ما تضمنته الوثيقة السرية التي عثر عليها المفكر وعالم اللسانيات الامريكي نعوم تشومسكي، سنة 1986، والتي اعتمد عليها لبلورة 10 استراتيجيات يسلكها الإعلام الموجه لإحداث تلك التأثيرات النفسية، وهي وثيقة عبارة عن كتيّب أو دليل للتحكّم في البشر السيطرة على المجتمعات يعود تاريخها إلى ماي 1979، وتحمل عنوان: "الأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة"، حيث قال الرجل بهذا الصدد: "حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية وألهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها. أبقُوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى."





شروط التعليق في الموقع

اضغط هنـا للكتابة بالعربية 

( لوحة مفاتيح اللغة العربية شعب بريس )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك على هذا الموضوع
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



اقرأ أيضا

وزير الأوقاف الجزائري يكشف عن الملّة الحقيقة لنظام العسكر!

رسالة الى حنان عشراوي

نجيب كومينة: حالة شبيهة بالجنون تملكت أصحاب القرار بالجزائر

طلحة جبريل يكتب: المغرب التزم بضبط النفس لفترة طويلة

أبواق الداخل والخارج لصحافة الاسترزاق

السكتة الدماغية..قناص يُطلق النار بعد الإنذار

حقوق الإنسان كقيمة بورصوية مربحة

القاسم الانتخابي للمسجلين.. آلية لربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الريع والطائفة

بموازاة مع استئناف جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة.. الدبلوماسية العسكرية الجزائرية تباشر تحركاتها البهلوانية

استاذة: تأخير الدراسة لن يكون أكثر وجعا من ألم فراق أمّ أو إبن أو قريب





 
  

إعلانات

                
  الرئيسية اتصل بنا  اعلن معنا   تنويه   انضمو لنا بالفايس بوك  شركة وصلة