محمد بوداري
لم يخجل يوسف بلمهدي، وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر، ولا أحسّ بتأنيب ضمير عندما صرّح بأن "هناك جهات معينة أجنبية تمول فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي لضرب الجزائر"، دون أن يحدد هذه الجهات وفحوى هذه الضربات التي تتعرض لها بلاده.
وزير الأوقاف الجزائري أضاف، بلا حياء، بوجوب "التصدي لهذه الجهات عن طريق التكنولوجيا"، مشيرا إلى أن "الإمام هو جند من جنود الوطن لحماية ثوابت الأمة، وهو أول شخص يعنى بنشر الوعي في المجتمع"، قبل أن يختم بالقول إنه "يتعين على الأئمة إتقان استعمال الأجهزة الإلكترونية"!
التصريحات الغريبة لوزير أوقاف الجنرالات بالجارة الشرقية، لم تخرج عن عقيدة النظام العسكري المبنية على اختلاق الأعداء الوهميين وتخويف الشعب من الجيران وخاصة المغرب والإدعاء بأن هناك مخططات تحاك ضد بلاد النفط والغاز، والحال أن أكبر عدو للجزائر هم الجنرالات والأخطبوط الفاسد المتحكم في البلاد منذ استقلالها من الاستعمار الفرنسي لتدخل في براثن استعمار آخر أكثر شراسة ودموية من الأول، وهو ما أجج الاحتجاجات وأشعل شرارة الحراك الشعبي منذ 22 فبراير 2019 للمطالبة برحيل المؤسسة العسكرية وابتعادها عن الشأن السياسي، وبناء نظام مدني ديمقراطي.
وزير الأوقاف الجزائري لم يلتفت، في غمرة ادعاءاته، إلى ما قام به مؤخرا عندما أمر الأئمة، الذين اعتبرهم "جند من جنود الوطن لحماية ثوابت الأمة"، بتخصيص خطبتيْ جمعة للتهجم على المغرب ونشر الإدعاءات الكاذبة حول ما يقع بالمنطقة، بعد سلسلة الهزائم التي مني بها نظام العسكر فيما يتعلق بملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
كما أن سيادة الوزير تناسى كل ما يقوم به إعلام بلاده والذباب الالكتروني المسخر من طرف الجنرالات، لنشر الأكاذيب واختلاق القصص المفبركة لتشويه الحقائق وتغليط الرأي العام حول حقيقة الوضع في الصحراء المغربية، وهي أفعال لم يأمر بها الإسلام وتتناقض مع الأخلاق الحميدة التي من المفروض أن يتحلى بها المسلم، وما بالك إذا كان وزيرا للأوقاف أو إماما يؤم الناس. فعن أي "وعي" يتحدث سيادة الوزير، في هذه الحالة؟ ولماذا يطالب الأئمة بان يتقنوا استعمال الأجهزة الإلكترونية؟.
وهل تدخل فبركة الأخبار وتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب في إطار نشر الوعي في المجتمع كما يقول سيادة الوزير؟ ثم هل مهاجمة المغرب ومعاكسة مصالحه يدخل في إطار "ثوابت الأمة" التي يتوجب على الأئمة الجزائريين أو "جند الله"، كما وصفهم الوزير، أن يتعبأوا لحمايتها؟.
إن ما قاله وزير الأوقاف الجزائري، يكشف بما لا يدع مجالا للشك حقيقة الإسلام الذي يتدين به هذا المسؤول وأسياده في المؤسسة العسكرية وأجهزة المخابرات، المتحكمة في بلاد النفط والغاز، كما أن هذه التصريحات والخلفيات الثاوية وراءها تظهر الدين الحقيقي والعقيدة المقدسة لدى نظام العسكر، والتي لا تخرج عن نطاق العداء المرضي للمغرب وعرقلة مسلسل التنمية الذي يعرفه، وذلك بموازاة التشبث بالسلطة وعدم التفريط فيها ولو تطلب الأمر القضاء على كل الشعب الجزائري، وهو ما يتبين اليوم من خلال تملص الجنرالات من مسؤوليتهم في تلقيح الجزائريين حيث لم يعقدوا أي صفقة مع أي جهة لشراء لقاح ضد كورونا، لأن تطعيم الشعب ليس في صالحهم، إذ أن الأمر يعني بكل بساطة رفع الإجراءات والتدابير الاحترازية وعودة الحراك الشعبي إلى الشوارع وفي النهاية زوال النظام الفاسد..